0
  المشاعر المقدسة / سارة الاسمري:


 بدأ حجاج بيت الله الحرام يتوافدون صباح اليوم الثلاثاء يوم التروية " الثامن من شهر ذي الحجة " إلى مشعر منى , تقربًا - لله تعالى - ، راجين منه القبول والمغفرة ، متبعين ومقتدين بسنة نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم ، مكثرين من التلبية والتسبيح والتكبير، في صورة روحانية وإيمانية.
وأفادت الشريعة السمحة على أن قدوم الحجاج المقرنين أو المفردين بإحرامهم إلى منى يوم التروية والمبيت فيه في طريقهم للوقوف بمشعر عرفة سنة مؤكدة .
ويحرم المتمتعون المتحللون من العمرة من أماكنهم سواء داخل مكة أو خارجها ، حيث يبقى الحجاج بها إلى ما بعد بزوغ شمس التاسع من ذي الحجة، يتوجهون بعدها للوقوف بعرفة ( الوقفة الكبرى )، ثم يعودون إليها بعد " النفرة " من عرفة والمبيت بمزدلفة لقضاء أيام ( 10 - 11 - 12 - 13 )، ورمي الجمرات الثلاث جمرة العقبة والجمرة الوسطى والجمرة الصغرى إلا من تعجل ، وذلك لقوله تعالى : (( واذكروا الله في أيام معدودات فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى )).
وتبلغ مساحة مشعر منى بحدوده الشرعية 16,8 كم2، ويقع بين مكة المكرمة ومشعر مزدلفة على بعد سبعة كيلو مترات شمال شرق المسجد الحرام، وهو حد من حدود الحرم تحيطه الجبال من الجهتين الشمالية والجنوبية، ولا يُسكَن إلا مدة الحج ، ويحَدُّه من جهة مكة جمرة العقبة، ومن جهة مشعر مزدلفة وادي "محسر" .

ويعد مشعر منى ذا مكانة تاريخية ودينية، به رمى نبي الله إبراهيم عليه السلام الجمار، وذبح فدي إسماعيل عليه السلام ، ثم أكد نبي الهدى صلى الله عليه وسلم هذا الفعل في حجة الوداع وحلق، وأستن المسلمون بسنته يرمون الجمرات ويذبحون هديهم ويحلقون .
ويشتهر المشعر بمعالم تاريخية منها الشواخص الثلاث التي ترمى، وبه مسجد "الخيف"، الذي اشتق اسمه نسبة إلى ما انحدر عن غلظ الجبل وارتفع عن مسيل الماء، والواقع على السفح الجنوبي من جبل منى، وقريباً من الجمرة الصغرى، وقد صلى فيه النبي صلى الله عليه وسلم والأنبياء من قبله، فعن يزيد بن الأسود قال : "شهدت مع النبي صلى الله عليه وسلم حجته فصليت معه صلاة الصبح في مسجد الخيف"، ومازال قائماً حتى الآن، ولأهميته تمت توسعته وعمارته في عام 1407هـ .

 ومن الأحداث التاريخية الشهيرة التي وقعت في منى بيعتا العقبة الأولى والثانية، ففي السنة 12 من الهجرة كانت الأولى بمبايعة 12رجلاً من الأوس والخزرج لرسول صلى الله عليه وسلم، تلتها الثانية في حج 13 من الهجرة بايعه فيها عليه السلام 73 رجلاً وامرأتان من أهل المدينة المنورة في الموقع نفسه ، الذي يقع من الشمال الشرقي لجمرة العقبة، حيث بنى الخليفة العباسي أبي جعفر المنصور مسجد البيعة في عام 144هـ، الواقع بأسفل جبل "ثبير" قريباً من شعب بيعة العقبة، إحياء لهذه الذكرى التي عاهد حينها الأنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم بمؤازرته ونصرته وهجرته والمهاجرين إلى لمدينة المنورة .
كما نزلت بها سورة " المرسلات "، بما رواه البخاري عن عبد الله رضي الله عنه قال : بينما نحن مع النبي صلى الله عليه وسلم في غار بمنى إذ نزل عليه ( والمرسلات ) وإنه ليتلوها وإني لأتلقاها من فيه، وإن فاه لرطب بها .
وجاء اهتمام حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - بمشعر منى خاصة استشعارا منها للفترة الزمنية التي يقضيها الحجاج في منى، وإيمانا من القيادة الرشيدة - أيدها الله - بحجم المتطلبات التي تضمن راحة ضيوف الرحمن خلال فترة أداء مناسكهم .
ووفرت القيادة الرشيدة - أيدها الله - جميع الإمكانات اللوجستية والخدمية والدينية للتسهيل على قاصدي بيت الله الحرام حجهم وأداء مناسكهم بروحانية وطمأنينة، مؤكدة على الجهات الحكومية والخدمية أهمية السعي على تنفيذ كل ما من شأنه إنجاح مهامها في موسم الحج.

 ويشتمل مشروع الخيام على أسس الأمن والسَّلامة والملائمة للمحيط العام ، ويتضمن شبكة للتكييف ، وخراطيم المياه الداخلية ، وطفايات الحريق وزن 6 كجم موزعة بالممرات والخيام، مع احتواء كل خيمة على رشاشات مائية تعمل حال استشعارها الحرارة ، فيما وفرت في وسط المخيمات مجموعة من دورات المياه والمواضئ، كما جهزت بموزعات للطاقة الكهربائية ومطابخ، ومكبات للنفايات .
وتبلغ أبعاد الخيام بمقاسات نمطية 8 * 8 ، 6 * 8 ،12 * 8 أمتار، المصنوعة من أنسجة زجاجية مغطاة بمادة التفلون المعروفة بمقاومتها العالية للاشتعال وعدم انبعاث الغازات السامة منها، ومزودة بالتكييف إلى جانب مقاومتها للعوامل المناخية، وملائمة شكلها للطابع الإسلامي، ومقاومتها للعوامل المناخية، ومرونة أجزائها للتشكيل والتركيب.
واتخذت في مخيمات منى إجراءات صارمة لتوفير الأمن والسَّلامة من أخطار الحريق، حيث أنشئت شبكة لإطفاء الحريق، مكوَّنة من فوهات رئيسة للحريق بالشوارع، وشبكة متكاملة لمياه إطفاء الحريق في مختلف أنحاء منى، وإنشاء خزانات خاصة لمياه الحريق على شكل أنفاق بأعلى الجبال بمنى، تغذي شبكة إطفاء الحريق بأقطار مناسبة مع ما يلزمها من محابس وقطع، حيث بلغ إجمالي طول هذه الشبكة 100 كيلو متر من المواسير، بأقطار تتراوح ما بين 250 ملم، و700 ملم، تضم 800 محبس، و740 فوهة مياه لإطفاء الحرائق.
كما يشتمل مشروع الخيام على شبكة للتكييف وخراطيم للمياه داخل المخيمات ، وصناديق يحتوي كل منها على خرطوم بطول 30 مترًا، مع طفايات للحريق موزعة بالممرات داخل المخيم بمعدل صندوق لكل 100 متر طولي، للاستخدام عند الحاجة حتَّى وصول الدفاع المدني .

 وطُوق كل مخيم بأسوار معدنية تتخللها أبواب رئيسة وأخرى للطوارئ، يسهل فتحها من داخل المخيم، كما يتخلل المخيم ممرات تَمَّ رصفها وإنارتها وتزويدها بعلامات إرشادية، ومخارج للطوارئ وغيرها من الخدمات.
وطُبق في مخيم مشعر منى مشروع نظام التخزين المؤقت للنفايات في المخازن الأرضية والصناديق الضاغطة، التي استحدثتها أمانة العاصمة المقدسة في خطة أعمال نظافة المشعر لتسهيل نقل النفايات المتولدة خارج المشعر فترة الذروة.
ووفرت الأمانة بالمشعر حوالي 1100 صندوق كهربائي ضاغط إضافة إلى عدد 131 مخزنا أرضيا تستوعب في مجملها أكثر من 14000 طن من النفايات ، فيما يهدف مشروع الصناديق الضاغطة متعددة الطوابق إلى زيادة الطاقة التخزينية للنفايات بالمشعر بطريقة غير تقليدية .

ومن المشروعات الحكومية في مشعر منى مشروع جسر الجمرات الجديد بطول 950 مترا، ويتألف من خمسة طوابق بارتفاع 12 مترا لكل طابق، ويحتوي على 12 مدخلاً ، و 12 مخرجاً من الاتجاهات الأربعة، إلى جانب منافذ للطوارئ على أساس تفويج 300 ألف حاج في الساعة، ويحتوي على نظام تكييف معزز برشاشات مياه لتلطيف الجو والتقليل من حرارته إلى 29 درجة مئوية، فيما أضيفت في المستوى الخامس من الجسر مظلات كبيرة تغطي مواقع الجمرات الثلاث، بهدف تعزيز راحة الحجاج وحمايتهم من ضربات الشمس .
ويعد مشروع الجسر مشروع للحاضر والمستقبل، حيث صمم لتلبية احتياجات الحجاج الحالية والمستقبلية وإمكانية إيصاله إلى 12 طابقاً، إذ من المتوقع أن يستخدمه ما يزيد على 5 ملايين حاج سنوياً في المستقبل إن شاء الله .
وفيما يخص المحافظة على أمن الحجاج أثناء تواجدهم بالمشعر لأداء مناسك الحج جندت قيادة قوات أمن الحج في منى جميع الطاقات الآلية والبشرية من رجال الأمن لتنفيذ خطة تصعيد الحجاج لمشعر منى لتيسير وتسهيل عملية التصعيد أمام قوافل الحجيج وتوفير الأمن والسلامة لهم.
كما ركزت الخطة على منع دخول السيارات الصغيرة إلى المشاعر المقدسة وإتاحة الفرصة لسيارات النقل الكبيرة التابعة للنقابة العامة للسيارات وشركات النقل لنقل حجاج بيت الله الحرام من وإلى المشاعر المقدسة.
 

 خدمات متكاملة
وتبدأ جميع الجهات الحكومية المعنية بخدمة الحجيج اليوم (الثلاثاء) الثامن من ذي الحجة تنفيذ خطة تصعيد قوافل حجاج بيت الله الحرام إلى مشعر منى لقضاء يوم التروية اتباعاً لسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم وسط أجواء روحانية مفعمة بالإيمان والطمأنينة في ظل التأهب الحكومي وجاهزية الخدمات. بمتابعة مباشرة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله – و الأمير محمد بن نايف ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية رئيس اللجنة العليا للحج و الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة رئيس لجنة الحج المركزية

  وفي هذا الاطار شرعت مؤسسات الطوافة والنقابة العامة للسيارات في تنفيذ خطة تصعيد حجاجها عبر مكاتب الخدمات الميدانية في تواكب القيادات المرورية في مكة المكرمة والمشاعر المقدسة حركة التصعيد بتنفيذ الخطط المرورية التي سبق وأن تم تعريف مسؤولي النقل في مؤسسات الطوافة وحجاج الداخل بملامحها تحسبا لحدوث الزحام المروري.
وتنطلق قوافل الحجيج من مقار مساكن الحجاج في أحياء مكة المكرمة للتوجه الى منى لقضاء يوم التروية اليوم وذلك قبل توجههم غداً إلى صعيد مشعر عرفات الطاهر رافعين اكفهم مهللين ومكبرين وملبين وستستقبل أرض عرفات جموعاً من حجاج وضيوف بيت الله الحرام في يوم واحد وبلباس واحد "رداء وازار" ناصع البياض بقلوب خاشعة مهللة مكبرة.
وهيأت الأجهزة المعنية بشؤون الحج والحجاج جميع إمكاناتهاالآلية والبشرية لتيسير وتسهيل عملية صعود جموع الحجيج من مكة المكرمة إلى مشعر منى اليوم والذي يستقبل مواكب الحجيج وسط جاهزية ضخمة.
وتعد عملية تصعيد الحجاج إلى منى أولى خطط تصعيد حجاج بيت الله الحرام إلى المشاعر المقدسة حيث تم تخصيص الطرق المؤدية إلى مشعر منى وتدعيمها بالطاقات البشرية لتسهيل الحركة المرورية أمام جموع الحجاج والوصول بها إلى مشعر منى في يسر وسهولة وأمان وطمأنينة وتطبيق نظام منع الحجاج غير الرسميين.

وبحسب تقارير صحفية كانت منى ارتدت حلتها البيضاء لترحب بضيوف الرحمن الذين لبوا النداء وقدموا إليها في يوم التروية اقتداء بسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع يوم قدم في العام العاشر من الهجرة في حجة الوداع ليوضح للمسلمين نسكهم ليسيروا عليها في كل عام ملبين نداء الحق في صفوف موحدة وبرداء واحد لا يتغير لونه بتغير الشخصيات فبياضه الناصع توافق مع بياض خيام منى التي ازدانت بحلتها البيضاء لتعلن للعالم نقاء.
الجولة في منى في اليوم السابع من ذي الحجة لا تحمل مشاهدات عن استعدادات أو تجهيزات، لكنها حملت نتيجة واحدة صاغها كل مسؤول في الدولة تمثلت في كلمة مرحباً بضيوف الرحمن رافعين شعار خدمة الحاج شرف لنا.
حركة السير على مداخل منى أغلقت أمام جميع السيارات التي تقل حمولتها عن 25 راكبا وفتحت لحافلات نقل الحجاج المصرح لها حتى تتمكن من الوصول إلى المخيمات دون إعاقة في السير ووصولهم بيسر وأمان وسلامة واطمئنان وستكون كافة الطرقات المؤدية إلى مشعر منى صعود شارع الجوهرة وسوق العرب وطريق الملك فهد وشارع الملك فيصل وكذلك شارع الرابطة.
أما الشوارع والطرقات فتمت نظافتها لتوفر للحجيج بيئة نظيفة ونقية تمنحهم الفرصة للتجول إن أرادوا نقل مشاهداتهم في اليوم الثامن من ذي الحجة فضاغطات النفايات انتشرت بالتقاطعات والشوارع الرئيسية لتؤكد للجميع ان النفايات يمكن التخلص منها سريعاً ودون أن تنبعث روائحها أو تتجمع فتنقل الأمراض والأوبئة.

 

إرسال تعليق

يمكنكم مراسلتنا على vib4367@hotmail.com او واتس اب 0563199685

 
الى الاعلى