الجمهورية : هي نظام الحكم ابناء على القاعدة الشعبية ( الجمهور ) والتي يكون الشعب هو المالك الفعلي للثروة والسلطة تحكمها الدساتير وتسيرها النظم والقوانين المستمدة شرعيتها من ارادة الشعوب.
وعندما نتحدث عن " جمهورية الشعب التاريخية " فإنا نتحدث عن أول منظومة حكم في التاريخ استمدت شرعيتها من القاعدة الجماهيرية للشعب بعيداً عن احتكار السلطة ومصدر القرار في فئة أو جماعة من الناس و عدم الاستحواذ على الحكم من فرد أو عائلة.
فتعد اليمن أول حضارة تاريخية استمدت قوتها وقراراتها المصيرية من قاعدة الجماهير الشعبية بطريقة راقية تجعل كل فرد يستشعر مشاركته في القرارات المصيرية للأمة وذلك ما أوضحته الآية الكريمة في قصة ملكة سبأ حين قالت ( يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّىٰ تَشْهَدُونِ ) لتجد الرد ( نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ ) والذي كان بمثابة استفتاء شعبي واستعراض لحالة القوة التي يمتلكوها والثقة بملكتهم في إدارة شئونهم.
و بتقدم نظام الحكم وتطوره تجده انعكاساته بصورة مباشرة على تطور الإنتاج المادي والحضاري وذلك ما عكسته الحضارات اليمنية من خلال شواهدها ودلالاتها الحضارية الباقية والتي أهتمت ببناء السدود والحواجز والمدرجات إضافة إلى التطور الصناعي كصناعة السيوف والأقمشة والمنحوتات وامتلاك أدوات الإنتاج المادي وتشييد المعابد والقصور.
لقد اتخذت الحضارات اليمنية من النهوض والتطور عنواناً بارزاً نحو المجد فامتلكت القوة دون تقهقر أو تراجع عن السباق مع الحضارات الأخرى التي كانت تنافسها، والتي استمرت في التنافس والحفاظ على مكانتها الحضارية حتى عهد سيف بن ذي يزن الذي كان سبب في نخر أول أغشية الحضارة من الداخل بجلبه للفرس والذي أكتمل هدمها وطمس هويتها وقيمها الحضارية بالغزو الأكبر الذي قام به يحي ابن الحسين الرسي المعروف بالإمام الهادي سنة 284هـ ؛ والذي لا زالت اليمن تتعرض لأبشع انواع التجريف في كينونتها وذاتها واستلاب حقوقها وطمس هويتها وتزوير تاريخها إلى اللحظة الراهنة كأسواء غزو وأطول احتلال لم يتمكن الشعب اليمني من استعادة ذاته وهويته لأكثر من اثني عشر قرناً وذلك لما يتعرض له من ضربات كل ما حاول أن يفيق من غيبوبته كما تعرض للبطش والإفقار والتجهيل لتحويله إلى تابع لسلالة الرسي الغازية والمحتلة للحضارة اليمنية.
إن نضالات اليمنيين منذ الثائر نشوان بن سعيد الحميري ضد طغيان المجرم عبدالله ابن الحمزة في القرن السادس الهجري إلى ثورة القردعي في 1948م وثورة 26 سبتمبر 1962م ليست إلا لتخليص اليمنيين من الكهنوت والاستعباد الذي خلفه الغازي يحيى ابن الحسين الرسي وسلالته من بعده إلى اليوم، والذي لا زال اليمنين يناضلوا جيلا بعد جيل ولا يمكن أن يستقر اليمنيين أو يستكينوا إلا باستعادة جمهورية الشعب وذاتهم المغيبة وفق القيم الحضارية المعاصرة.
إرسال تعليق
يمكنكم مراسلتنا على vib4367@hotmail.com او واتس اب 0563199685