0
صناعة النهايات

علي السحاري



  قطر خلال ال20سنة الماضية دفعت أموال الطائلة على جماعات متمردة وعصابات مسلحة هنا وهناك  وإيواء المعارضين والإنفاق عليهم ببذخ ... لو أنها انققت كل تلك المليارات على فقراء المسلمين وبنت لهم الدور وحفرت لهم الآبار الإرتوازية وبنت لهم المدارس والجامعات ودور الإتام والمستوصفات والمستشفيات ...الخ

لو فعلت كل ذلك لكانت حقا رائدة في العالم العربي والإسلامي .. لكنها ابت إلا أن تكون داعمة للشر وأهل القتل فأخلدت إلى قاع الأرض .

السياسة القطرية لديها مشكلة داخلية وهي عدم اجتماع القرار في يد أميرها الحالي فمتى كان هناك بان واحد وخلفه ألف هادم فهيهات أن يقوم البناء ..

كانت قطر في الفترة الماضية في موقف هجوم - كما يقول المراقبون - لكنها اليوم بدت في موقف دفاع بحت !!

ربما لم تكن تتوقع أن تصحوا في يوم ما على قرارات كهذه .. من قطع للعلاقات الدبلوماسية، وإغلاق للمنافذ الحدودية، والمعابر البرية والبحرية، والمجالات الجوية في وجه حركة الملاحة القطرية ... لكنه حدث بالفعل، فقد استنفذت المملكة العربية السعودية كل السبل وكل الحيل .. وكانت هي من يهدئ من روع الأشقاء في مملكة البحرين ودولة الإمارات العربية المتحدة ... وذلك على أمل أن تغير قطر سياستها الهوجاء التي شذت عن نهج دول مجلس التعاون الخليجي وعن لحمة الصف العربي والإسلامي.

كانت قطر بادئ ذي بدء تتتحرك في الخفاء لتدعم بعض الجماعات المتطرفة وكانت هناك اخبار تتحدث عن الدور القطري الخفي في تأجيج بعض الفتن في المنطقة العربية .. لكن كان الناس بين مصدق ومكذب ... والكل يتساءل ما مصلحة قطر في ذلك ؟

وفي عام 2004 بدأت مواقف قطر تتضح لمن كان ينفي عنها الدور المريب الذي كانت تلعبه خلف الكواليس حين وقفت مع حزب الله عندما اتهم بإغتيال رفيق الحريري .

ثم بعد ذلك قامت قطر بإنشاء ما يسمى بالممانعة مع حزب الله ونظام بشار  .

وبعد الممانعة بحوالي ست سنوات كان لقطر نصيب الأسد في تأجيج ثورات الشوارع فيما يسمى بالربيع العربي من خلال تمويل الجماعات المتطرفة التي قامت في سوريا وليبيا وغيرها ...وكان نتاجها اهلاك الحرث ولنسل.

ربما أن قطر قد أحست بنوع من جنون العظمة خاصة بعد أصبح المال في يدها يفوق الوصف، فدفعها ذلك لأن تفكر في لعب دور كبير جدا على خارطة العالم،  لكن بصورة لا تخدم مصالح جيرانها ولا حتى مصالحها الشخصية ذاتها.

نعم إنه لمن الؤلم أن نرى هذا الشرخ في الجسد الخليجي والأمة العربية والإسلامة .. ولا شك بأن ذلك قد أفرح الأعداء وشمتوا فينا كخليجيين وعرب ومسلمين، لكنه قرار كان لا بد أن يتخذ لوضع النقاط على الحروف .. فلا مجال للركوب على جملين ، ولا دور  للرمادي في مثل هذه المواقف، فإما أبيض مع الأخ والشقيق أو اسود مع العدو اللدود، مع كل أملنا أن يكون تحكيم العقل على النور والبياض.

لقد أعطيت قطر مساحة شاسعة من قبل المملكة العربية السعودية لسنوات طويلة،فجربت كل الطرق والوسائل الممكنة  من أجل أن لا تشرق شمس هذا اليوم على مثل هذه القرارات، فلم تنفع وفود ولا واساطات ولا حتى سحب سفراء ...

ذكروهم بالأخوة والجيرة والمصير المشترك .. فلم يجدي نفعا، فلا وعد تم ولا ميثاق حوفظ على قسمه ...

ولم ينفع النصح والإرشاد بأن العدو متربص ويسعى إلى زرع الفتنة بين الأشقاء .. وأخبروه بأن الذئب يأكل من الغنم القاصية.

ومع كل ذلك مارست المملكة العربية السعودية مع قطر سياسة النفس الطويل، لكن قطر كانت في كل مرة تشذ عن حياض الجماعة .. فقد أنبهرت ببهرجت الفرس وتدليس ابليس بأن الناس قد جمعوا لها يريدون فرض الوصاية عليها، ولا يوجد ذلك التفكير الشيطاني إلا في مخيلتها.

لكن الحزم جاء في موعده، رغم أن هناك من يقول بأنه قد جاء متأخرا، وهذا غير صحيح فقد أعذر من أنذر ، وقاعدة ( حب الخشوم ) لم تعد تجدي نفعا مع الحزم الذي تشهده المنطقة منذ تولي سلمان بن عبد العزيز - يحفظه الله - زمام الحكم ومقاليده في المملكة العربية السعودية .. والعبرة في صناعة النهايات.

إرسال تعليق

يمكنكم مراسلتنا على vib4367@hotmail.com او واتس اب 0563199685

 
الى الاعلى