كتبت / سامية عبدالله - (شئون خليجية ):
(وثيقة
الرياض) لإنقاذ اليمن، والتي من المقرر أن تصدر عن مؤتمر الحوار المنعقد
حاليًا بالعاصمة السعودية، تتصاعد مؤشرات تدلل على أنها قد تولد ميتة لعدم
وجود أي ضمانات أو آليات واضحة لتضعها موضع التنفيذ، الأمر الذي قد يحولها
إلى مجرد بيان سياسي خطابي، ليس فقط لعدم مشاركة الفاعلين الأساسيين على
الأرض وفي الميدان وهما جماعة الحوثي "الشيعية المسلحة" والرئيس المخلوع
علي عبدالله صالح، ولكن لفشل التحالف العربي والأمم المتحدة في إلزام
الحوثيين بالهدنة الإنسانية وتمديدها بما يتيح فرصة للحل السياسي.
وتثور تساؤلات حول كيفية أن تكون
بنود هذه الوثيقة ملزمة لجميع الأطراف ومن يضمن تنفيذها، وكيف يمكن إلزام
الحوثيين بإلقاء السلاح وتسليمه، وكيف يمكن تنفيذ الأعمال الإغاثية ميدانيا
بعد استئناف العمليات العسكرية للتحالف بعد انتهاء الهدنة الإنسانية ورداً
على خروقات الحوثيين.
وعادة ما يكون تنفيذ مخرجات
الحوار السياسي تحت القصف أمرا صعبا والخبرة تؤكد فشل الأمم المتحدة في
إلزام جماعة الحوثي وعلي صالح بتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216
وبنوده التي كانت كفيلة وحدها إن طبقت بوقف إطلاق النار واستئناف العملية
السياسية، بحسب محللين.
وأكد المحللون أنه يبقى مدى
إمكانية القدرة على تفعيل بنود وثيقة الرياض مرهونًا بحسم عسكري لقوات
التحالف العربي ميدانيا والضغط من خلال المؤسسات والقوى الدولية، وإلا قد
تصبح مثل القرار 2216 مع وقف التنفيذ.
أما سعي وثيقة الرياض لعودة
الشرعية فهو مطلب أولي قامت الحرب من أجله ولم تتقدم تجاه قوى التحالف خطوة
واحدة لإعطاء الرئيس اليمني وحكومته موطيء قدم لمزاولة نشاطه منه ولو
جزئيا.
وبحسب محللين فإن ما يعزز المخاوف
من إمكانية تطبيق وثيقة الرياض استنادها لمرجعيات معترف بها دوليا لكنها
مجمدة وبلا ضمانات أيضا وهي المبادرة الخليجية، ومخرجات الحوار الوطني
الشامل، وقرار مجلس الأمن بشأن اليمن 2216، وما قبلها، وقرار مجلس الجامعة
العربية بشرم الشيخ في نهاية مارس الماضي.
أعمال الإغاثة الإنسانية
رغم أن وثيقة الرياض تهتم بحشد
الدعم والتأييد الإقليمي والدولي لأعمال الإغاثة والعمل الإنساني وتوسيع
نطاقها ورفع مستواها وتوفير الخدمات الأساسية بما يضم وصول هذه الإغاثة
لمستحقيها، إلا أن عدد من المحافظات التي أنهكتها الحرب كمحافظات عدن وتعز
والضالع وأبين ولحج، عانت صدمة كبيرة وبالذات في عدن وما جاورها من
المحافظات الجنوبية التي بحسب مسئولين فيها ظلت بمنأى عن تلك المساعدات رغم
الحاجة الماسة لها.
وقال سكان من عدن: "ماذا تفعل
حكومتنا في الرياض وكيف يمكن الوثوق بها وهي عاجزة حتى اللحظة عن تقديم
حلول عاجلة وسريعة للحرب الدائرة في عدن ومعالجة أوضاع آلاف الأسر التي
تركت منازلها".بحسب الأناضول.
بينما تدعم الوثيقة إقامة مناطق
خاصة للنازحين داخل اليمن، وإيجاد حلول عاجلة لمشكلة العالقين في الخارج،
وتؤكد على عودة مؤسسات الدولة الشرعية لممارسة مهامها من داخل الأراضي
اليمنية.
وتتضمن بنودا حول "العمل على
إعادة الإعمار والتأهيل، بحشد الموارد اللازمة وبدعم من الأشقاء في مجلس
التعاون الخليجي، والمجتمع الدولي، ومباشرة تنفيذ مشاريع الإعمار في كل
المناطق"، وتظل عملية إعادة الإعمار مرحلة ثانية وتالية ومستحيلة إلا إذا
سبقها مرحلة وقف إطلاق النار وعودة الشرعية والحكومة أولا.
استعادة الأسلحة وإخراج الميلشيات
تنص مسودة "وثيقة الرياض" على
إنقاذ اليمن واستعادة مؤسسات الدولة، بإنهاء عدوان قوى التمرد وإسقاط
الانقلاب ومحاسبة الضالعين فيه، واستعادة الأسلحة وإخراج الميليشيات من كل
المدن اليمنية، يظل النص نفسه موجود بقرار مجلس الأمن رقم 2216 ، ولكن
الواقع الميداني يؤكد استمرار هيمنة جماعة الحوثي على نقاط تمركز مكنتها من
قصف وتهديد مدن سعودية حدودية حتى أثناء الهدنة، وقادرة على الاشتباك
وإحداث خسائر وقتل مدنيين.
وأكد خبراء أن جماعة الحوثي
استفادت من الهدنة لتعزيز إمداداتها والتوسع بمناطق أخرى، ووفق تقرير لبي
بي سي نشر اليوم الاثنين "كانت الطرق الواقعة بين محافظات ذمار وإب وتعز
والضالع وأبين وعدن شهدت نشاطا ملحوظا للإمدادات العسكرية التابعة للحوثيين
وعلي عبد الله صالح خلال أيام الهدنة الإنسانية التي انتهت مساء أمس
الأحد".
وأكّد جون كيري، وزير الخارجية
الأميركي، أمس "إن الحوثيين انتهكوا الهدنة بتحريكهم منصّات صواريخ إلى
الحدود السعودية"، بما يؤكد على صعوبة نزع سلاح الحوثيين خاصة مع ما يتردد
على أن إيران استخدمت الهدنة لأغراض غير إنسانية.
أيضا كيف ينجح الحوار ومخرجاته مع
تجدد شن مقاتلات التحالف الذي تقوده السعودية غاراتها على عدة أهداف تابعة
للحوثيين والوحدات العسكرية الموالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح في
محافظتي صعدة وحجّة شمالي وغربي اليمن، وفي عدن والضالع جنوبي اليمن، في
الساعات الأولى من فجر الاثنين، لكن الحسم العسكري قد يجبر الحوثيين على
التراجع للوراء والالتزام بمخرجات الحوار، ولكن البعض يرى أنهم سيمارسون
المزيد من التصعيد لحصد مكاسب بالحوار المرتقب للأم المتحدة.
نواة لجيش يميني
تنص الوثيقة على دعم وتنظيم
المقاومة الرسمية والشعبية تحت القيادة الشرعية في كل المناطق التي توجد
فيها ميليشيات التمرد، ووضع آليات لتشكيل نواة أولى للجيش والأمن بقيادة
تشكيلات وطنية غير متورطة في الفساد أو الانقلاب، ولكن هذه الخطوة تواجه
إشكاليات كيفية تسليح المقاومة الشعبية، وكيف يصل لها السلاح دون سرقته من
ميلشيات الحوثي، وكيفية تدريبها، وتنظيمها والتنسيق الميداني بينها، الأمر
الذي قد يحتاج تدخل بري، كما أنه يحمل مخاطر جر البلاد إلى حرب أهلية
وإطالة أمد الحرب.
عودة الشرعية
نصت وثيقة الرياض على سرعة إيجاد
منطقة آمنة، داخل الأراضي اليمنية، حتى تكون مقرا لاستئناف نشاط مؤسسات
الدولة الشرعية من داخل اليمن، وعودة الدولة لبسط سلطتها على كل الأراضي
اليمنية، لكن بعد مرور 52 يوما على بدء عملية العملية العسكرية في اليمن لم
يعلن تحرير مدينة بالكامل وإعلان اتخاذها ولو مقرا مؤقتا لحكومة الرئيس
هادي ورئيس وزرائه خالد بحاح، وكيف يعود الرئيس اليمني عبد ربه هادي ممثلا
للشرعية في ظل رفض جماعة الحوثي التام له، أم ستطرح بدائل سياسية لم تعلن
بعض عن تفويضه آخرين خاصة وأنه أعلن بحاح نائبا له.
وطالب مراقبون بتجنب الأخطاء
بحوار الرياض فيما يتعلق بموضوع التمثيل الجغرافي والنوعي أخذا في الاعتبار
الكثافة السكانية والظلم والإقصاء والتهميش الذي تعيشه كثير من المناطق
اليمنية، وتجنب تمثيل الوجوه السياسية القديمة التي كانت وما زالت جزءا من
المشكلة وليست جزءا من الحل، بالنظر إلى ما أوصلت اليمن إليه من كوارث،
وضرورة أن تفسح المجال للقوى اليمنية الصاعدة والشابة كشباب الثورة الذين
تم الانقلاب عليهم من قبل مؤتمر جمال بنعمر وبتواطؤ كل القوى السياسية
وأيضا الدول الراعية للحوار.
إرسال تعليق
يمكنكم مراسلتنا على vib4367@hotmail.com او واتس اب 0563199685